دراسة فرنسية: الفراعنة برعوا في صناعة مستحضرات التجميل

قام قسم الآثار المصرية في متحف (اللوفر) لشهير بالعاصمة الفرنسية باريس مؤخراً بنشر نتائج بحث قام به علماء المتحف، بالاشتراك مع خبراء من شركة "لوريال" الفرنسية المتخصصة في صناعة مستحضرات التجميل، بهدف التوصل إلى معرفة أفضل للعادات التجميلية في مصر القديمة من خلال دراسة تكوين المساحيق المخصصة لطلاء العيون.

وساهمت هذه الدراسة التي جمعت بين البحث العلمي والمعلومات التاريخية والتراث الأثري في إزاحة الستار عن "صناعة" تجميلية قديمة كانت تستخدم تقنيات معقدة، وإظهار أن المصريين القدماء كانوا بالفعل "علماء" فى هذا الميدان.

وأكدت الدراسة أن الآثار والكنوز التى عُثر عليها في المقابر المصرية القديمة تشهد على أن تاريخ استخدام مستحضرات التجميل في مصر بدأ قبل مرحلة الفراعنة الأوائل وولادة الحضارة الهيروغليفية.

ذلك أن المصريين كانوا قبل أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، يهتمون بدفن موتاهم ويضعون في المقابر الأواني الثمينة كي ترافق الميت في رحلته الأبدية، وفي إحدى تلك المقابر عثر علماء الآثار قرب وجه الميت على لوحة خشبية مع حصاة ملساء صغيرة كانت تستخدم كطاحن من أجل سحق كربونات النحاس الطبيعية التى كانت تستخدم في تكحيل العيون.

وفي مطلع العهد القديم 2600- 2200ق.م أصبح مسحوق التجميل موجودا في قائمة التقدمات المأتمية، وكان يشار إليه بكلمة (أوادجو) التي تعني المسحوق الأخضر، إلا أن هذا المسحوق اختفى لمصلحة المسحوق الأسود الذي كان "يجعل العيون معبرة.."

وكشف وجود كبريتيات الرصاص بكثرة في المواد التي عمل على تحليلها الباحثون الفرنسيون أن المسحوق الأسود كان يستخدم منذ عهد خوفو (2590 – 2565 ق.م)، كما وصف لعلاج العيون من الأمراض البسيطة إلى الأمراض النادرة، ومنها : علاج للتخلص من الشحم في العين، كبريت الرصاص، كربونات النحاس الطبيعية، مغرة حمراء، راتنج، عسل، يجب وضعها على الجفون، كبريتات الرصاص، كربونات النحاس الطبيعية، نبتة، خشب بال، يجب خلطها مع الماء ووضعها على الجفون..

واستمر استخدام المسحوق الأسود فترة طويلة من الزمن، وكان تزيين العين يأخذ أشكالا مختلفة كالعين السوداء المنتهية بنقطة أو الخط الأسود الممدد نحو الصدغ ونحو الأنف، كما كانت الأشكال تشمل النمط الفني لكل مرحلة.

فخلال الأسرة الثامنة عشر مثلاً كان الخط الأسود رفيعا يحيط بالعين ويمدد في شكله عريضة موازية لخط الحاجب، أو كان الخط الواسع يطوّق العين من دون أن يمدد من جهة أو من أخرى.

وإذا كان الطلاء بالمسحوقين الأخضر والأسود طاغياً إلا أن المصريين القدامى كانوا يستعينون بصبغات متنوعة مثل السروزيت الطبيعية التي كانت تسمح بالحصول على مسحوق أبيض يمكن تحويله إلى سلسلة من الألوان الرمادية عندما يُضاف إليه كبريتات الرصاص السوداء.

وكان قدماء المصريين يستخرجون هذا المعدن من مناجم جبل زيت الواقع عند شاطئ البحر الأحمر.. ويبدو أن الفراعنة كانوا يحتكرون استثماره وتوزيعه قصراً.

ومن خلال بحثهم وتحليلهم لبقايا المساحيق في عدد من الأواني المصرية القديمة الموجودة في متحف "اللوفر" توصل باحثو "لوريال" و"مختبر أبحاث فرنسا" إلى نتيجة مهمة وهي أن تركيبات مساحيق التجميل التي كان يستخدمها المصريون في المرحلة الفرعونية تشبه بطريقة مدهشة تركيبات المستحضرات الحالية.

فأظهرت أبحاثهم أن معدلات متغيرة من المواد المكثفة- خصوصا الدهن الحيواني وشمع النحل أو الراتنج- كانت تضاف إلى المواد المعدنية كي تستجيب للاستعمالات المختلفة، تلوين الأجفان، رسم الخط الرفيع أو السميك والعلاجات.

جزاك الله خيرا